يقع كثير من المربين في حيرة من أمرهم عند اختيار كتب لأطفالهم، فهم لا يعرفون ما المناسب، وما الذي يجب أن يبحثوا عنه، كما أنهم لا يجدون من يعينهم في هذه المهمة الصعبة.
وفي هذه المقالة سأتناول بإيجاز بعض القواعد العامة التي تسهّل على المربي اختيار الكتاب المناسب لطفله.
أولاً: لكل عمر ما يناسبه:
لابد أن يبحث المربي عن الكتاب الذي يتناسب مع المرحلة العمرية لطفله، فلكل مرحلة عمرية احتياج خاص، سواء من حيث المضمون أو الشكل.
فسلوك طفل الثالثة يختلف عن طفل التاسعة، وما يخيف طفل الرابعة قد يثير سرور وسعادة طفل العاشرة. وقد تحدثت الكتب المتخصصة في أدب ا لأطفال عن هذه المراحل العمرية وفصلت القول فيها، وهي تعتمد في تقسيمها على الدراسات التربوية والنفسية.
ومن المهم أن نشير إلى أن هذه المراحل تتداخل زمنيًا، ويختلف فيها الذكور عن الإناث، وتختلف باختلاف الشعوب والأفراد، ولكن الأطفال يمرون بها بتتابع.
كما أن هذه التقسيمات لمراحل النمو ما هي إلا بحوث علماء في بيئات غير بيئاتنا، وعلى أطفال غير أطفالنا؛ فهي تنفعنا بشكل عام على أن نراعي الفروق البيئية والخلفية الثقافية والدينية لأطفالنا.
وهي كالتالي:
مرحلة الطفولة الأولى ( 1 – 3 ) :
ينمو فيها قاموس الطفل اللغوي ويتعرف على الأشياء من حوله، لذلك تأتي أهمية الكتب التي تعتمد على الصور في مواضيع مختلفة، الحياة اليومية، الحيوانات، الأشياء ... عالمه المحيط دون تكثيف للصور في الصفحة الواحدة.
ثم الكتب التي تتضمن مادة قصصية بسيطة وقصيرة، ويجب أن تتحمل أوراق الكتاب عبث الأطفال فتكون سميكة.
والطفل في هذه المرحلة يفهم أكثر بكثير مما ينطق.
مرحلة الواقعية والخيال المحدود وتمتد ما بين ( 4 – 5 ) سنوات :
وهي أيضًا مرحلة القصص والكتب المصورة، والرسوم مهمة بنسبة 60% من الكتاب. أما خيال الطفل فهو حاد ولكنه محدود في إطار البيئة؛ لذلك تكون القصص المناسبة واقعية ممزوجة بالخيال كأن تكون شخصياتها من الحيوان أو الجماد وتعالج أمورًا تهم الطفل مثل الصداقة، مخاوف الطفل: الظلام، أو الأحلام المزعجة.
ويجب أن تكون الفكرة في الكتاب واحدة سهلة شائقة مع حبكة ممتعة وواضحة.
ويفضل الأطفال في هذا العمر الشخصيات ذات الصفات الحسية (الدجاجة الحمراء ذات الرداء الأحمر...) كما يعجبون بالشخصيات الفكاهية ذات الأسماء الغريبة المضحكة. ونؤكد على أهمية الابتعاد عن الأحداث المخيفة أو النهايات الحزينة التي تبعث القلق والخوف، أو قصص الإجرام والسحر والجن.
كما نؤكد على أهمية أن تكون لغة الكتاب اللغة الفصحى السهلة.
مرحلة الخيال المنطلق من ( 6 – 8 ) سنوات :
تنمو قدرة الطفل على التركيز، ويطول مدى انتباهه، كما أنه يكتسب مهارة القراءة، ويتحرر خياله من البيئة لينطلق في الآفاق، ويستوعب النكت والألغاز .
وتنقسم الكتب المناسبة لهذا العمر إلى قسمين:
1 - كتب يقرأها الطفل نفسه، وتكون مفرداتها سهلة وجملها قصيرة والخط كبير ومشكولاً.
2 - وكتب تقرأ عليه: ويراعى فيها المضمون الذي يشبع الخيال؛ كقصص الأنبياء لما فيها من أمور خارقة كالمعجزات، والقصص الخيالية الشعبية والأساطير، والقصص العائلية والقصص المثيرة للدهشة، والنوادر، والقصص الفكاهية.
وهنا يستطيع الطفل أن يستنبط القيمة الأخلاقية للعمل الأدبي.
والرسوم مهمة ولكنها ليست كالمرحلة السابقة، ويقبل الأطفال على الرسوم الملونة بالأبيض والأسود والصغيرة والكبيرة على حد سواء.
مرحلة البطولة والمغامرة من ( 9 – 12 ) سنة :
وهي تمثل المرحلة المبكرة من المراهقة وفيها نمو سريع للقدرات العقلية، كما أن الطفل يستطيع التفكير في الأمور المعنوية ويستوعبها (كالكرامة والحرية).. ويظهر الاختلاف في الميول بين البنات والأولاد، فالأولاد تستهويهم قصص الشجاعة والمخاطر والقصص البوليسية والمغامرات، وتميل البنات أكثر إلى القصص التي تثير الانفعالات المختلفة (الحب، الصداقة).. كما يظهر الطفل الاهتمام بالقصص التاريخي، ويقل عدد الرسوم في الكتاب في هذه المرحلة مع حرية أكثر في استعمال أساليب الرسم المختلفة.
ويمكن تقديم الرواية وهي القصة الطويلة التي تنقسم إلى فصول وتكثر فيها الأحداث والشخصيات.
ثانيًا: المضمون أولاً:
لابد أن يحرص المربِّ على محتوى القصة بحيث تخلو مما يبعث على الخوف والشك واليأس والتردد.
كما يجب أن لا تسبب للطفل الشعور بالذنب أو احتقار الذات بطريق مباشر أو غير مباشر.
ويستخلص منها الطفل – شعوريًا أو لا شعوريًا – قيمة أو فكرة أو معتقدًا ينفعه في حياته، كما يجب الابتعاد عن الكتب التجارية التي لا تحمل فكرًا ولا أدبًا.
ثالثًا: الكتب المترجمة:
لا مانع من الاستفادة مما كتب بلغات أخرى (فالحكمة ضالة المؤمن)، مترجمًا إلى العربية أو بلغته الأصلية، على أن يتنبه المربي لبعض الأمور:
1- اختيار الجيد الذي يحمل قيمًا إنسانية عامة: التعاون، المحبة، العمل.. فهذه القيم ليست خاصة بالمسلمين وحدهم.
2- الابتعاد عما يتعارض مع قيمنا ومبادئنا وهويتنا العربية والإسلامية.
3- إذا كان الكتاب رائعًا ولكنه يحتوي على بعض المخالفات، فلا بأس أن يعرض على الطفل بشرط نقده وتوضيح المخالف فيه، وهذا ينمي فيه القارئ الناقد الذي لا يتقبل أي شيء دون تفكير.
رابعًا: التنوع يثري التجربة ويغنيها:
من المهم التنوع في الكتب المقدمة للأطفال، سواء في مواضيعها أو في طريقة إخراجها؛ لأن هذا يجعل تجربة الطفل مع الكتاب غنية وشائقة. وتجعله أكثر تعلقًا بالكتاب ومحبة له.
الصراحة وللأمانة منقول بس كتير عجبني